تصريح رئيس مجلس المستشارين في شأن سبتة ومليلية يسيئ الى العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإسبانيا
الحياة الشمالية
حسن لعشير
لازالت الأخطاء تتكرر على لسان مسؤولين كبار في الدولة ، أخطاء فادحة ، تسيئ للعلاقات الخارجية للمغرب ، حيث خرج رئيس مجلس المستشارين” النعم ميارة ” عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال المكون الثالث للتحالف الحكومي بقيادة عزيز أخنوش ، بتصريح يسيئ للعلاقات الدبلوماسية المغربية الإسبانية ،أكد من خلاله في لقاء حزبي نظمته منظمة المرأة الإستقلالية يومه السبت 8 أبريل الجاري بالرباط ،”أن حزب الاستقلال يؤمن بأنه سيأتي يوم يسترجع فيه المغرب مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين ، ليس بالسلاح ، ولكن بالحوار والمفاوضات الجادة مع الجارة اسبانيا ” ، مما أثار غضب إسبانيا في الوقت الذي توطدت فيه العلاقات الدبلوماسية المغربية الإسبانية ، لاسيما بعدما اعترفت اسبانيا بالحكم الذاتي في الصحراء المغربية وهو مكسب مهم جدا حققه الملك محمد السادس بفضل سياسته الرشيدة والحكمة السديدة ، لمصلحة المغرب والمغاربة ، بينما هذا التصريح حسب ما اعتبره البعض بأنه يأتي في إطار التطاول غير المسؤول على اختصاصات الملك ، الذي له الصلاحية وحده للحديث في مثل هذه القضايا . وأن هذا الخطٱ يسترجع الى الأذهان الأخطاء السابقة التي ارتكبها مسؤولين كبار في الدولة ، منها الخطأ الذي وقع فيه رئيس الحكومة السابق سعد الدين العثماني عن حزب العدالة والتنمية الهالك ، سبق له أن قال: “إن المغرب ربما سيفتح في يوم ما ملف المدينتين سبتة ومليلية” هذا التصريح كان بدوره أن خلق استياء عميقا وغضبا شديدا في أوساط الحكومة الإسبانية ، مما أدى آنذاك بوزارة الخارجية الإسبانية إلى استدعاء سفيرة المغرب لديها “كريمة بن يعيش” على وجه السرعة ، حيث أثار ردود أفعال غاضبة من طرف الصحف الأيبيرية التي ركزت باهتمام كبير على تصريحات مسؤول كبير في هرم السلطة بالمغرب ، كما اعتبرتها هجوما جديدا على سيادة المدينتين، متسائلة عن جدوى تطبيع العلاقات ومصير الالتزامات، وما تم التعهد عليه من قبل البلدين من احترام متبادل وعدم إساءة أي طرف للآخر، كما أن وزيرة الدفاع الإسبانية ” ( Margarita robles مارغريتا روبليس ) لم تتأخر في التدخل ، حيث شددت في ردها بلهجة صارمة على “إسبانية سبتة ومليلية غير قابلة للنقاش” قائلة بجرأة عالية : ” أن سبتة ومليلية مدينتان إسبانيتان”، مستبعدة أن يأتي أي رد حكومي في هذا الشأن ، ومؤكدة على أن حكومة بلادها واضحة في هذا الموضوع ، ولا توجد إمكانية للنقاش أو أي شيء آخر على حد تعبيرها .
هذا ، وعند انفتاح جريدة ” الحياة الشمالية ” الالكترونية على بعض نشطاء جمعية الدفاع عن حقوق الانسان بتطوان ، مسائلة إياهم فيما يتعلق بهذا التصريح الصادر عن مسؤول رفيع المستوى في الدولة ، حيث عاب مجموعة من الحقوقيين على رئيس مجلس المستشارين ، إثر هذه التصريحات الغوغائية التي تهدف إلى زعزعة العلاقات الدبلوماسية الإسبانية المغربية ، شأنها إلحاق أضرار بالتزامات بلادنا في شخص العاهل المغربي محمد السادس، بعد أن كانت قد تعهدت على توطيد العلاقات بين البلدين الصديقين وفق أسس جديدة قوامها الصدق والصراحة والاحترام ، ولاسيما أن إسبانيا التزمت بدورها بدعم مشروع المقترح المغربي حول الحكم الذاتي في قضية الصحراء المغربية ، معتبرة إياه مقترحا جادا وذا مصداقية
ومن جانب ٱخر فقد تلقت هذه التصريحات انتقادات لاذعة من طرف الغيورين على بلدهم .
فيما ذهب بعض نشطاء العمل الجمعوي ، الى أن لرجل السياسة وخاصة إذا كان يشغل أحد المناصب العليا ويتحمل مسؤوليات كبرى دورا مهما ليس فقط في استقطاب المواطنين في الحملات الانتخابية ، بل كذلك في تعزيز علاقة بلاده بباقي البلدان الصديقة والشقيقة على وجه الخصوص ، بدل أن يسعى بوعي أو بدونه إلى التشويش وتعكير الأجواء.
فهل نسي عضو اللجنة
التنفيذية لحزب الاستقلال (النعم ميارة ) ، أن الأمين العام السابق لنفس الحزب حميد شباط كان قد أدى الثمن غاليا ، عندما سمح لنفسه بالتعبير عن ذات الموقف التاريخي للحزب من موريتانيا، بالقول: “إن الانفصال الذي وقع عام 1959 خلق مشاكل للمغرب، ومن ذلك تأسيس دولة موريتانيا، رغم أن هذه الأراضي تبقى مغربية، وأن كل المؤرخين يؤكدون ذلك”؟ وهو ما اضطر معه إلى تقديم اعتذار صريح تجنبا لأي توتر في العلاقات بين الرباط ونواكشوط.
إنه من غير المقبول أن يستمر إسناد المسؤوليات الكبرى لمن هم غير أهل لها ودون مستوى تحملها ، حيث تم تسجيل في حقهم العديد من الزلات والهفوات التي كادت في عدة مناسبات أن تدخل المغرب في أزمات دبلوماسية مفتوحة على كل التوقعات مع دول صديقة وشقيقة في أوقات جد صعبة . تأتي هذه الٱخطاءل في الظرفية الحالية التي نحن ٱحوج فيها إلى سياسيين حقيقيين ، ممن يتميزون بالحكمة والتبصر وبعد النظر ويقدرون حجم المسؤولية المنوطة بهم .