حراك أساتذة إلى أين ؟
متابعة نور الدين الجعباق
لم يكن عيد المدرس هذه السنة كباقي أعياد السنوات السابقة، لقد عرف انطلاق لحراك خطير من أجل التصدي لكل المخططات التراجعية ، وردا على الهجوم الذي لحق بالمدرسة العمومية، بسبب تنويل النظام الأساسي الذي فرضته الحكومة الحالية.
ولا ننسى أن هذه الأزمة جاءت عن تراكمات الحكومات السابقة لإصلاح هذه المنظومة، إضافة إلى معانات هذه الشريحة من ارتفاع الأسعار في جميع المواد بشكل صاروخي ، وهذا ما جعل الشارع ينظم إليكم بشكل تضامي ويطالب بإنصافهم .
وحسب ما تميز به هذا الحراك الذي يضم إلى 23 مكونا من تنسيقيات وجمعيات ونقابة، نظموا مسيرات بالعاصمة لم يشهد بها مثيل واحتجزوا بأبواب الأكاديميات والمديريات، وعطلوا مؤسساتهم لعل يسمع صوتهم ، ولكن لم يجدوا أذان صاغية.
فما الذي يوجد في هذا النظام المأساوي الذي على خلفيته جعل مستقبل الأساتذة غامضا؟
لقد دامت جولات حواره زهاء سنة مع تنظيم أكثر من 20 لقاء حضرته النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية قبل الوصول إلى اتفاق 14 يناير 2023 الذي تم خلاله الاتفاق على المبادئ العامة المؤطرة. لكن بعد ترجمة هذه المبادئ الأساسية إلى مواد قانونية، أي المرسوم رقم 2.23.819، وتم تمريره دون الأخذ بعين الاعتبار واقراح النقابات.
وحسب تصريح بعض الأساتذة يقولون: أنهم كانوا ينتظرون من النظام الجديد تحسين وضعيتهم المادية والمعنوية وإعادة لكم كرامتهم كبناة الأجيال ، لكنه نزل عليهم كالصاعقة ، كله “الحكرة “و الضغط الزائد.. و “المقاربة التأديبية” في زمن الحقوق.. و “العطاء والتعويض” لمن لا يستحق على حساب من يستحق.. فهو السياسة المتجذرة لفرق تسد.. هو المس بالقدرة الشرائية.. هو خنق الظروف المهنية فوق اللازم.. هو تعميق الازدراء المجتمعي اتجاه معلم ومربي الأجيال.. هو الإيقاع بالجميع في متاهات لا أول لمخاطرها ولا آخر.. أقلها متاهة “السن” وإشكال تسقيفه في 30 سنة للمتعاقدين.. و63 سنة للمتقاعدين.. وفي كل منها أضرار صحية ونفسية واجتماعية قد تصل حد حرمان البعض من ولوج أسلاك الوظيفة العمومية أو الموت بطئا في أتونها دون موجب حق على حد قولهم. وكما تضمن المادة 98 منه والتي تحدد هيئات ومهام ومسؤوليات وتعويضات الموظفين في القطاع فضلا عن العقوبات التأديبية، مما اعتبرته التنسيقيات “غير منصف” ويهدد مكتسباتهم ولا يحقّق مطالبهم المهنية والمادّية.
إلى جانب ذلك يمكن تقديم ملاحظة أخرى تتعلق بتسمية” النظام الأساسي الجديد”، والتغيير الذي تم فيه أي من ” النظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية” إلى صيغة : النظام الأساسي الخاص لموظفي قطاع التربية الوطنية والأطر النظامية للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين. والتي فيها قول أيضا.
وفي محاولة تهدئة الوضع وغضب الأساتذة، دعا رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش، أمس الخميس، النقابات التعليمية إلى العودة إلى مائدة الحوار يوم الاثنين المقبل..
وقال في مستهل أشغال المجلس الحكومي، إنّ “قناعتنا الراسخة هي أنّ الحوار هو السبيل الوحيد لإيجاد الحلول الناجعة ومعالجة المشاكل المطروحة.
ويعتبر هذا الحراك ظاهرة جديدة في النضال الذي عرفه قطاع التعليمي ، فهو يعتبر سلسلة من سلسلات الحراك الذي عرفه المغرب ، بذأ من حراك20 فبراير ، حيث ضرب حراك الأساتذة عرض الحائط كل النضالات النقابية والإنذارات المشفرة التي بعثت بها الوزارة، فهذا الجيل لا يهتم بالاقتطاع، فهو جيل نشأ في ظل الشبكات التواصلية جعلت منه قوة يدافع بها بأشكال نضالية غير مسبوقة وأكثر تصعيدا.