الإدمان على البوفا إلى أين…؟
سليمان العرفاوي
متصرف تربوي
كأي مواطن مغربي غيور على بلده الحبيب المغرب؛ وعلى مقدساته وملكيته وهويته وثقافته…، أجدني كثيرا ما أفكر وأتدبر شؤون بلدي حفظه الله من كل أذى، وأستشرف المستقبل حاملا هم إطالة عمر هذا الوطن الغالي والحفاظ على هويته ووطنيته وثقافته ومقدساته، وأظل أحصي كل المخاطر والتهديدات التي من شانها تغيير معالم وطني إلى الاتجاه المعاكس لتنال من تلك الهوية والمواطنة والثقافة والمقدسات، لأخلص بأن الإدمان بمختلف مظاهره وتجلياته، كالإدمان على الأقراص المهلوسة، والكوكا اللعينة، والبوفا الفتاكة على الخصوص، من أخطر المخاطر التي تهدد بشكل حقيقي وخطير عقول شبابنا وصحة مواطنينا البدنية والذهنية، وبذلك طمس هويتنا ووطنيتنا، ومحو ثقافتنا، وضياع نسائنا ورجالنا، والنتيجة المرة هي هلاك أسرنا وتفكيك مجتمعنا، ولا قدر الله سقوط حضارتنا التي ضحى أجدادنا وآباؤنا بالغالي والنفيس من أجل بنائها وإبقائها شامخة صامدة تتوق دائما إلى الرقي والسؤدد، هذه المواد السامة التي تفتك بنا، هي تحاربنا في عمق دولتنا، حيث نجد المدمنين عليها- وهم في تزايد كبير- لا هم لهم سوى الحصول عليها بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة، لا يفكرون، لا ينتجون، لا يعملون، لا يدرسون، لا يطالعون ولا يتطلعون، لا يبدعون…، لا يحملون لا هم الأسرة ولا هم الوطن ولا هم الدولة، يصبحون بدون هوية وبدون مواطنة وبدون كفاءة، يضحون عالة على الدولة التي ستجد نفسها يوما تصرف ميزانيات ضخمة من أجل علاجهم الذي يتطلب أموالا ووقتا طويلا وأطر مختصة …في عرقلة تامة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية التي ما فتىء المغرب يكافح من أجلها؛ ناهيك عن أموال أخرى من أجل تأهيلهم وإعادة إدماجهم …، لأن الإدمان على البوفا وما شابهها يجعل المدمنين ينسحبون من كل مرافق الحياة في ضياع وهذيان وعزلة، والخوف كل الخوف من اليوم الذي تستفحل فيه هذه الآفة أكثر مما هي مستفحلة، لتصبح الأسرة جوفاء، والمجتمع فارغا من القوامة والكفاءة والإنتاجية، وتصبح الدولة بلا هوية ولا مواطنة ولا مواطنين، ولا من يسير ويدبر شؤونها، ولا حتى من نحكم ومن نسوس ومن نخاطب…