جريدة ورقية إلكترونية تهتم بأخبار المغرب

ذكاء طبعي في خدمة اللغة العربية

الدكتور : عبد الاله القرباص
أيهما أشد قوة في خدمة لغة الضاد؟ الذكاء الاصطناعي أم الذكاء الطبعي؟
سؤال حارق قاربته ندوة تربوية شهدتها مؤسسة ” المحور” بمدينة تطوان يوم الخميس 25 يونيو( حزيران) 2023 لأزيد من ثلاث ساعات من النقاش الأكاديمي الهادف ،شارك فيه ثلة من الأساتذة الباحثين والخبراء التربويين في محاولة للانفلات من قبضة خيوط الشبكة العنكبوتية التي تحاول الانقضاض على الأنفاس الأخيرة من الإرادة الحرة للتعلم الذاتي بعيدا عن شرنقة الذكاء الاصطناعي الزاحف بقوة نحو آخر معاقل التحرر من عقلية القطيع.
منطلق النقاش صدور الجزء الثاني من ” كراستي للتعلم الذاتي في مادة اللغة العربية” للدكتور عبد السلام بلدريس، خاصة بالسنة الثالثة من التعليم الثانوي، بين فيه الخبير التربوي إسماعيل بنهنية تحرر المؤلف من دكتاتورية الشبكة العنكبوتية، وقدرته على محاورة المتلقي ( المتعلم ـ المعلم ـ ولي أمر المتعلم) عبر سيرورة ديناميكية من الأنشطة الدامجة لقدرات المتلقي بغية توجيهها نحو إثبات الذات في حل المشكلات المستعصيات التي يواجهها عبر مهمات واضحة الغايات، مع حرص واع بالابتعاد عن سلطة الذكاء الاصطناعي الذي يحاصر كل من تطأ قدماه فضاء العلم الأزرق.
المداخلة الثانية للباحث الأكاديمي والأستاذ الجامعي الدكتور عبد الكريم المرابط الطرماش تمحورت حول عرض ” كراستي للتعلم الذاتي في مادة اللغة العربية” على محك التحكيم والمساءلة العلمية الرصينة، خلص منها الباحث إلى ألمعية مؤلفها، ومهارته في اقتناص نصوص عربية أصيلة، انتقلت من غياهب النسيان إلى حضور العيان، وسهولة مجاورتها لكراسي اللغة والبيان، لكل متعلم راغب في جني ثمرات حسان من دوحة ذات أزهار وأفنان.
وركزت المداخلة الثالثة للدكتور رضوان بوزكري على الدلالة التركيبية للعنوان وعلاقته بالمضمون، ومدى خدمته للثقافة والبيان. فغاص غوصا عميقا بآليات علوم السيمياء واللسان في ثنايا الكتاب باحثا عن الخيوط الناظمة لدرر العقيان، واكتفى فيه من الغنيمة بالإياب مسلما لمؤلفه بقصب السبق، وفتح مبين في اختراق مغالق الافاق، بعيدا عن تطواف الذكاء الاصطناعي، الذي يبعدك عن جني الثمرات على الرغم من تقريب المسافات.
المداخلة الرابعة مستقاة من عمق حجرة الدرس والتعليم شارك فيها الأستاذ الباحث والناشط الجمعوي نزار الدكار بعرض أبرز فيه قدرة المؤلف على التحرر من سلطة التناص التي تلقي بظلالها على كل راغب في التأليف، فبين أهمية الاعتكاف على المكتوب والمخطوط في صنوف الأدب والفنون، وأبرز تفاعل المتعلمين مع أنشطة تبتعد عن التلقين، وتترك لهم حرية التلقي والإفادة الحسنة بعد جد ومثابرة، بمنأى عن الإجابات الجاهزة، والأحكام القبلية المتكررة.
المداخلة الخامسة كانت بميسم الأستاذ محمد القدوري، المسكون بمحبة اللغة العربية على الرغم من تدريسيته للغة الفرنسية، فأغنى حضوره بشهادة مقارنة بين مناهج العرب والعجم في تلقين اللغات، وتيسير التعلمات، وأكد انتصاره لمنهج المؤلف في الدفاع عن لغة الضاد، وقدرته على تحبيبها وترسيخها في عقول المولعين بجمال أسلوبها، وبهاء معانيها.
خاتمة المداخلات شهادة رحيقها مسك ختم به ضيف الندوة التربوية الباحث القدير محمد المعلمي الذي أبلى البلاء الحسن دفاعا عن لغة الضاد في مسار مهني وأكاديمي طويل أحاله على معاش وظيفي دون الترجل عن صهوة فرسان البحث والبيان، فاعتبر كراستي الدكتور عبد السلام بلدريس في التعلم الذاتي ثمرتين يانعتين، تؤتيان أكلهما في كل صفحة متوهجتين، معطاءتين لا تبخلان على المقبل عليهما بنضرة جمان، وسبق إلى علم نافع يشار إليه بكل بنان.
أما التعليقات و التعقيبات فقد صبت في مصب تغليب ذكاء الإنسان في تعلم لغة القرآن، وقدمت مرافعات وضاءة لا تقبل حججها لجاجة في سبيل إزالة الغمة عن معاناة ناشئة الأمة، ودفعها إلى مراقي المجد والرفعة.
وحق لحافظ قوله مفتخرا بلغة الخلود:
أنا البحر في أحشائه الدر كامن فهل سألوا الغواص عن صدفاتي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.