بمناسبة عيد العرش المجيد فلسفة ملك واستراتيجية البناء الحضاري محمد السادس ملك المغرب) *وقفة تأمل وانبهار*
بقلم الدكتور عبد الله صدقي
بعد الجهاد الذي قاده ملك المغرب محمد الخامس طوال حياته لتحرير المغرب من براثن الاستعمار، وتقديم التضحيات تلو التضحيات، حتى طهر المغرب من أقدام الغاشم الفرنسي، ليسلم الملك محمد الخامس مشعل المسؤولية لابنه الملك الحسن الثاني، ويلبي نداء ربه بروح ملؤها الاطمئنان والإيمان، تقلد بعده الملك الحسن الثاني مقاليد الحكم، في ظروف يشوبها أحكام بداية البناء العسير، فكان أهلا لخوض ضروب من التحديات الداخلية، التي تمثلت في الخروج من هيمنة الاستعمار، ومراجعة الترسانة القانونية المغربية في كل المجالات، أملا في الشروع في بناء مغرب جديد، يواصل تاريخه بمداد من ذهب، والحقيقة أن الطريق لم يكن معبدا بالورود، وإنما تطلب من الملك الحسن الثاني أن يكون عبقريا، حتى يواجه العقبات الكؤود، فكان حقا رائدا ورجل الساعة، الذي اعتبر هِبَةً فريدة من التاريخ، ليكون رجل المرحلة بامتياز، ويكون بحق ملكا، وقد قدمت شواهد داخلية وخارجية صدرت من شخصيات غربية وعربية مختلفة في حقه، كلها تُجمع على ما لهذا الملك (الحسن الثاني) من مميزات وذكاء ناذر، وشخصية الملوك العظام، حيث أبلى البلاء الحسن في حلّ العديد من المعضلات، وتصدى للعوائق السياسية والاقتصادية والاجتماعية الداخلية والخارجية بحزم وتدبير وكفاءة عالية وشجاعة قلَّ مثيلها .
لم يكن ما تركه الملك الراحل الحسن الثاني (قدَّس الله روحه) من تَركة لابنه الملك محمد السادس حفظه الله سوى معالمٍ في طريق النهضة الحضارية، التي آن أوانها، وذلك بعدما وضع القوانين وبسط مقاربة المصالحة مع الماضي، الذي كانت الإكراهات الجسام عنوانه، تَمَّ بعد ذلك إدخال تعديلات في الدستور المغربي كانت قمينة بإرساء دعائم دولة الحق والقانون والعدل، إضافة إلى ما أنجز من توازن في الديبلوماسية المغربية الخارجية، وقد تمَّ ذلك عبر محطات تاريخية محددة، فكان أن أخذ ملك المغرب الحسن الثاني (قدس الله روحه) في الشروع في اقتطاف نتائج الإنجازات التي راحت تلوح ظلالها في الآفاق، ليسلم ابنه الملك محمد السادس مشعل السير على الدرب، ويُلبي نداء ربه بروح مطمئنة (يا ايتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية) …
سطع نجم المغرب في كل المجالات الصناعية والاقتصادية والسياسية والديبلوماسية والاجتماعية والعلمية والرياضية والعمرانية …كذلك المغرب قطع شوطا لا يُستهان به في مجال الحريات والعدالة والمساواة وتوسيع دائرة اتخاذ القرار و تاسيس معالم الديمقراطية، وهي خصائص نهضة المجتمعات، ونخص بالذكر المجال الأمني الذي لا نعتبره سوى زبدة كل هذه الإنجازات، حتى بات المغرب مؤسسا لثقافة قانونية وثقافة أمنية وثقافة رياضة وثقافة صناعية وثقافة رياضية، إذ لم يكن البلاء الحسن في كأس العالم الكروي في قطر سوى برهان توالت التأكيدات التطبيقية والنجاحات المتوالية لتزيل سموم شكوك محترفو نظرية المؤامرة … وبدا الوطن مغربا قبلة للسياح من مختلف بلدان العالم من غير استثناء …
وقد أثبتت الحوادث التي تعرضت لها المملكة المغربية نُبل المغاربة، وتميزهم فيما تجلى من تضامن بينهم في ما كان يحل من مصائب الطبيعة، والأمراض والكوارث (كورونا)، وعند الحاجة وغيرها كثير، ولم يتوقف المغاربة عند هذا الحد، وإنما تجاوزوه إلى خارج المغرب، ليكون مساندا للشعوب عند الحاجة، وتقديم ما يمكن من مساعدات، ومن يد العون ( فلسطين على سبيل المثال) …كذلك أبان المغاربة عن شهامتهم وورعهم خلف ملكم المحبوب (محمد السادس) رعاه الله عن حادث زلزال الحوز وبعض المدن المغربية، بعد أن اعتمد على ما لديه من إمكانيات، وحصر بعض الدول فقط لتقديم مساعدتهم التقنية.
لذلك لا غرابة أن يرى العالم أن أهل المغرب جديرون بكل الإنجازات الرياضية والعلمية والاقتصادية والديبلوماسية والسياسية، شعب لا ككل الشعوب، شعب مضياف طيب نبيل خلف ملك شجرة النبل والطيب، وسلالة الملوك العظماء … ولا يسعنا هنا إلا أن نبارك لصحاب الجلالة ملك المغرب محمد السادس عيد العرش المجيد، متمنين لجلالته دوام الصحة والعافية حتى يبقى ذخرا ملكا عظيما لمغرب عظيم …