الحسيمة : جماعة بني اكميل القروية في كف عفريت
الحياة الشمالية
حسن لعشير
هتافات كثيرة ، ونداءات متكررة , من طرف ساكنة جماعة بني اكميل ، تستنجد من خلالها بهذا المنبر الاعلامي ” الحياة الشمالية ” لايصال مطالبهم الى الجهات المسؤولة محليا وإقليميا ووطنيا , قصد انقاذهم من بؤرة التهميش والاقصاء ، حيث يعيش سكان جماعة بني اكميل القروية المنتمية جغرافيا لدائرة بني بوفراح إقليم الحسيمة على ايقاع الهجرة الجماعية , كما تم تسجيل عدد كبير من الأسر التي رحلت الى المدن كطنجة وتطوان , بسبب الجفاف وضعف الفرشة المائية , وقلة الشغل ، والأزمة الخانقة ،
هذا يدل على أن جماعة بني اكميل في وضعية جد مخيفة ، حيث أن معظم الأسر تهاجر تلوى الأخرى قاصدة مدينتي تطوان وطنجة ، هذه الحالة ستؤثر سلبا على الوضعية الاقتصادية مستقبلا , سيتوقف النمو ، وبالتالي ستنعكس سلبا على الوضعية الاجتماعية بتعميق الجراح وتنتقل غالبية الساكنة الباقية من الفقر الى ما تحت الفقر , مع العلم ان ميزانية الجماعة تعتمد بشكل أساسي على حصتها من الميزانية السنوية ، بكونها تفتقر للموارد الذاتية , رغم توفرها على إمكانيات مهمة لم تستغل بعد : كشاطئ تاغزوت الذي يحتوي على ذخيرة هائلة من الرمال الذهبية ، وواد اعشيرن الذي يزخر بالرمال والحجر الطبيعي القابل للاستثمار ، ثم تأسيس تعاونيات فلاحية ( اللوز ) , تشجيع على البناء – زرع الروح في السوق الأسبوعي واخراجه من دائرة الوهن ، خلق منتوجات محلية لتشهر بها المنطقة – تقديم تحفيزات للتجار ، وخلق مشاريع تنموية بالشراكة مع مؤسسات مالية ومؤسسات أخرى ذات بعد تنموي , يرجع السبب الى المجلس القروي المشلول الإرادة الذي يتكون من نخبة كلاسيكية التي تعتبر أن منطقة بني اكميل هي ارض للكيف فقط , لا مجال للتنمية ، لا تستحق الطرق ولا الانارة ولا التعليم ، ولا الحياة ، ما على سكانها إلا أن يزرعوا الكيف ليصنعوا شعبا في وضعية غير قانونية ، شعب هارب من العدالة ، ولا يستطيع ان يطلب حقوقه ، شعب مهاجر غير مستقر يبحث عن العدالة والكرامة الإنسانية . ليعلم الجميع ان حوالي نصف ساكنة بني اكميل — مسطاسة لا تزرع الكيف بسبب عدم توفرها على المياه الجوفية ، وقد جفت الأبار, ولم تعد تروي الضمأن ، معظم الساكنة لا تستفيد من زراعة الكيف وفي نفس الوقت أضحت محرومة من التنمية التي تتبجح بها الحكومة ، وتعد الأكثر تضررا ، غالبا ما تبحث عن سبل العيش في مناطق أخرى او تمارس التجارة في الأسواق المجاورة . وهذا لا يعني جميع الساكنة تتعاطى لهذا النوع من التجارة,
ناهيك عن مشاريع الدولة في تراب هذه الجماعة , بها مستوصف قروي يوجد بمركز الجماعة ، بدون طبيب ولا دواء , أضحى عبارة عن بناية شبه مهجورة ,
بالإضافة إلى إعدادية بني اكميل التي تستفيد منها سوى الساكنة القريبة من مركز الجماعة ، بسبب البعد وعزلة الدواوير , ورغم وجود بعض سيارات النقل المدرسي ، فإنها تعاني من أعطاب ميكانيكية وندرة المحروقات وضغف التموين ،أما على مستوى المشاريع التنموية بالجماعة لا شيء يذكر سوى بعض الخطوات يقوم بها زعيم القبيلة الذي يرأس الجماعة كدعاية انتخابية يفتح المسالك الطرقية على بعض الدواويرالمعزولة فقط ،
جماعة بني اكميل كانت في زمن الاستعمار الاسباني بشمال المغرب , مركزا للحضارة منها تشرق الشمس ولا يغيب عنها القمر , كانت تتوفر على بساتين مزدهرة بالخضر والفواكه ، بها أشجار اللوز بكثافة ، ومختلف الأشجار المثمرة ، كانت المزود الأول للأسواق المحلية في الإقليم من الخضر والفواكه كالبساتين الموجودة بتراب قبيلة مسطاسة ، أما الآن فهي بلاد مظلمة ومهجورة ، أرضها قاحلة ومحروقة ، لا تنتج سوى عشبة الكيف لبعض الساكنة ، في زمن الاستعمار ، الاسبان زرعوا فيها أشجار اللوز والتين , الحياة كانت مزدهرة بمثابة شمعة تضيء كل مناطق الإقليم ، أما اليوم فإنها تبدو في حالة مزرية ، كأنها قصفت بالأسلحة الكيماوية ، آثار الدمار والخراب في كل مكان ، زرعوا فيها الكيف والفتن ، زرعوا فيها إيديولوجية غريبة عن أهلها لطمس هوية وحضارة لأناس عمروا فيها قرون ، اعدموا الحياة فوق سطح أرضها وفصلوها عن ماضيها وجغرافيتها ، كأنها حديثة العهد ، ليس لها تاريخ ولا ذاكرة جماعية ، لايزال النظام القبلي هو السائد ، هو وطن في وطن ، بني على أسس فرق تسد ، الحقد ، الكراهية ، التفرقة ، الغيبة والنميمة في كل التجمعات ضد هذا وذاك ، باعتبار المقربين الى مستشاري الجماعة هم مواطنين في الدرجة الأولى ، هم أولى في كل شيء ، يستفيدون من الدعم الذي تخصصه الدولة في جميع الحالات ، أما الفئة الأخرى هي في المرتبة الثانية لا حقوق لها إلا الخضوع لطاعة الزعيم ، رغم كل هذا فساكنة جماعة بني اكميل هي الأكثر وطنية وحبا للوطن ، حيث سجل التاريخ أنهم صوتوا على دستور 2011 بالإجماع بأغلبية ساحقة , ولكن بنوده لم تصل بعد إلى جماعة بني اكميل ، الكل ينتظر بفائق الصبر أن تستفيد ساكنة بني اكميل من مزايا هذا الوطن الحبيب .
ساكنتها عبر التاريخ تتميز بالكرامة وحسن الضيافة ، رغم كل الصعاب والمشاكل هي ساكنة مسالمة تتنازل عن حقوقها من اجل السلم والأمان , تفضل أن تهاجر لتتفادى المشاكل والصعاب من منطقة تبعدها الدولة بمئات السنين , ويتربص بها الكحط والجفاف ، تعاني من ندرة المياه الجوفية ، اندثار منتوج الصبار بسبب تسلط الحشرة القرموزية ، يابسة أشجار اللوز يابسة ، بروز ظاهرة الهجرة نحو أطراف المدن ، بحثا عن العيش المتواضع ، ليبقى غالسؤال العالق ، ما دور مجلس جماعة بني اكميل القروية اذا لم يبحث عن الحلول الناجعة لضمان أسس الاستقرار للساكنة ؟!,