تطوان : مدينتي الناءمة في سبات عميق
بقلم ذ/ أحمد مغارة
نحن جيل ستينيات القرن المنصرم كان لنا مفهوم خاص بالثقافة كموروث و كمنبع للحداثة.
كنا حديثي العهد مع الانفتاح على فكر الآخر ، المسرح و الموسيقى و الرسم و الشعر كانوا قوتنا اليومي صحبة خبز الشعير و زبد الماركرين، كان لنا بالمدينة شباب شكلوا إكليلا من الرموز، و كان بمعهدنا الرسمي رجال افذاذ علمونا و نصحونا و غرسوا في أحشاء تفكيرنا حب الأرض و العدل و الحرية و القيم. رحمات الخالق عليهم.
كانت الفرص متتالية لأهل الفكر و الثقافة، لتمتين روابط الماضي مع غياهب مستقبل محشو بالغموض. و خلال سنوات عجاف كان الرصاص داءم الحضور متنكرا بلباس الخوف…لم نكن نجرء حتى عن الكلام…و لم نكن سوى أطفال في سن مراهقة مغتصبة.
كانت دور الشباب رهن إشارة الراغبين في الالتحاق بركب الثقافة و الابتعاد عن سلبيات المرحلة. كان حب الوطن حاضراً على الدوام في كل الأنشطة…كنا نشيد صرح الوطن صحبة الرواد…كنا وراء جيل رائع علمنا فلسفة ومنطق الحياة.
وشاءت الأقدار أن يغيب جيل الورع والتقوى ، جيل كان يجعل من الثقافة والفنون أسلوباً مناسباً لتكوين الإنسان الصالح…فصرنا على ما نحن عليه. ثقافة التفاهة و المحسوبية غزت العقول و الحقول، المساومة و المصلحة تفشت بوقاحتها المحمية. فتكاثرت علينا علامات استفهام لا نستصيغها بمنطق الحق و الموضوعية…
مدينتي الناءمة في سبات عميق ما كان عليه أن يدوم. مدينتي صارت سوق عكاظ …كل شيء بثمن.